سورة النمل - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النمل)


        


قوله تعالى: {وكان في المدينة} وهي الحِجْر التي نزلها صالح {تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفسدون في الأرض} يريد: في أرض الحِجْر، وفسادهم: كفرهم ومعاصيهم، وكانوا يسفكون الدِّماء ويَثِبون على الأموال والفروج، وهم الذين عملوا في قتل الناقة. وروي عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح قالا: كان فسادهم كسر الدراهم والدنانير، {قالوا} فيما بينهم {تَقَاسَموا بالله} أي: احلفوا بالله {لَنُبَيِّتَنَّهُ} أي: لنقتُلنَّ صالحاً {وأهلَه} ليلاً {ثم لَنَقولَنَّ} وقرأ حمزة، والكسائي {لتُبَيِّتُنَّهُ وأهلَه ثم لَتَقولُنَّ} بالتاء فيهما. وقرأ مجاهد، وأبو رجاء، وحميد بن قيس {لَيُبَيِّتُنَّهُ} بياء وتاء مرفوعتين {ثم لَيَقُولُنَّ} بياء مفتوحة وقاف مرفوعة وواو ساكنة ولام مرفوعة {لِوَليِّه} أي: لوليِّ دمه إِنْ سألَنا عنه {ما شَهِدْنا} أي: ما حضرنا {مُهْلِكَ أَهْلِهِ} قرأ الأكثرون بضم الميم وفتح اللام؛ والمَهْلِك: يجوز أن يكون مصدراً بمعنى الإِهلاك، ويجوز أن يكون الموضع. وروى ابو بكر، وأبان عن عاصم: بفتح الميم واللام، يريد الهلاك؛ يقال: هَلَكَ يَهْلِكُ مَهْلَكاً. وروى عنه حفص، والمفضل: بفتح الميم وكسر اللام، وهو اسم المكان، على معنى: ما شهدنا موضع هلاكهم؛ فهذا كان مكرهم، فجازاهم الله عليه فأهلكهم.
وفي صفة إِهلاكهم أربعة أقوال.
أحدها: أنهم أتَوا دار صالح شاهرين سيوفهم، فرمتْهم الملائكة بالحجارة فقتلتهم، قاله ابن عباس.
والثاني: رماهم الله بصخرة فقتلتهم، قاله قتادة.
والثالث: أنهم دخلوا غاراً ينتظرون مجيء صالح، فبعث الله صخرة سدَّت باب الغار، قاله ابن زيد.
والرابع: أنهم نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم بعضاً ليأتوا دار صالح، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {أنَّا دَمَّرْنَاهُم} قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: {أنَّا دمَّرناهم} بفتح الألف. وقرأ الباقون بكسرها. فمن كسر استأنف، ومن فتح، فقال أبو علي: فيه وجهان.
أحدهما: أن يكون بدلاً من {عاقبةُ مَكْرهم}.
والثاني: أن يكون محمولاً على مبتدإٍ مضمر، كأنه قال: هو أنَّا دمَّرناهم.
قوله تعالى: {فَتِلْك بيوتُهم خاويةً} قال الزجاج: هي منصوبة على الحال؛ المعنى: فانظر إِلى بيوتهم خاويةً.


قوله تعالى: {أتأتون الفاحشة وأنتم تُبْصِرونَ} فيه قولان:
أحدهما: وأنتم تعلمون أنَّها فاحشة.
والثاني: وبعضكم يُبْصِر بعضاً.
قوله تعالى: {بل أنتم قوم تَجْهَلونَ} قال ابن عباس: تجهلون القيامة وعاقبة العِصيان.
قوله تعالى: {قَدَّرْنَاهَا مِنَ الغابِرِين} أي: جعلناها بتقديرنا وقضائنا عليها من الباقين في العذاب. وقرأ أبو بكر عن عاصم: {قَدَرْنَاهَا} خفيفة، وهي في معنى المشدَّدة. وباقي القصة قد تقدم تفسيره [هود: 77].


قوله تعالى: {قُلِ الحمدُ لله} هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أُمِرَ أن يَحْمَد اللّهَ على هلاك الأمم الكافرة، وقيل: على جميع نِعَمه، {وسلامٌ على عباده، الذين اصطفى} فيهم أربعة أقوال.
أحدها: الرسل، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وروى عنه عكرمة، قال: اصطفى إِبراهيم بالخُلَّة، وموسى بالكلام، ومحمداً بالرؤية.
والثاني: أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، رواه أبو مالك عن ابن عباس، وبه قال السدي.
والثالث: أنهم الذين وحَّدوه وآمنوا به، رواه عطاء عن ابن عباس.
والرابع: أنه محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: {آللّهُ خَيْرٌ أمَّا يُشْرِكونَ} قال أبو عبيدة: مجازه: أو ما يشركون، وهذا خطاب للمشركين؛ والمعنى: آلله خير لمن عبده، أم الأصنام لعابديها؟! ومعنى الكلام: أنه لمَّا قصَّ عليهم قصص الأمم الخالية، أخبرهم أنَّه نجَّى عابديه، ولم تُغْنِ الأصنام عنهم.
قوله تعالى: {أمَّنْ خَلَقَ السموات} تقديره: أمَّا يشركون خير، أمَّن خلق السماوات {والأرضَ وأنزلَ لكم من السماءِ ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجة}؟! فأمَّا الحدائق، فقال ابن قتيبة: هي البساتين، واحدها: حديقة، سميت بذلك لأنه يُحْدَقُ عليها، أي: يُحْظَر، والبهجة: الحُسن.
قوله تعالى: {ما كان لكم أن تُنْبتُوا شجرها} أي: ما ينبغي لكم ذلك لأنكم لا تقدرون عليه. ثم قال مستفهماً مُنْكِراً عليهم: {أإِله مع الله}؟! أي: ليس معه إِله {بل هم} يعني: كفار مكة {قوم يَعْدِلون} وقد شرحناه في فاتحة الأنعام. {أمَّنْ جَعَلَ الأرض قراراً} أي: مُسْتَقَرّاً لا تَمِيد بأهلها {وجَعَلَ خلالها} أي: فيما بينها {أنهاراً وجعل لها رواسيَ} أي جبالاً ثوابتَ {وجعل بين البحرين حاجزاً} أي: مانعاً من قدرته بين العذْب والمِلْح ان يختلطا {بل أكثرهم لا يَعْلَمونَ} قَدْر عَظَمة الله.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6